responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 675
وَمِنْ إِطْلَاقِ الْوَجْهِ عَلَى الذَّاتِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ [الرَّحْمَن: 27] . وَأُطْلِقَ الْوَجْهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ تَقُولُ جَاءَ بِالْأَمْرِ عَلَى وَجْهِهِ أَيْ عَلَى حَقِيقَتِهِ قَالَ الْأَعْشَى:
وَأَوَّلُ الْحُكْمِ عَلَى وَجْهِهِ ... لَيْسَ قَضَاءٌ بِالْهَوَى الْجَائِرِ
وَوُجُوهُ النَّاسِ أَشْرَافُهُمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (أَسْلَمَ) بِمَعْنَى أَخْلَصَ مُشْتَقًّا مِنَ السَّلَامَةِ أَيْ جَعْلِهِ سَالِمًا وَمِنْهُ وَرَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ [الزمر: 29] .
وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مُحْسِنٌ جِيءَ بِهِ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ لِإِظْهَارِ أَنَّهُ لَا يُغْنِي إِسْلَامُ الْقَلْبِ وَحْدَهُ وَلَا الْعَمَلُ بِدُونِ إِخْلَاصٍ بَلْ لَا نَجَاةَ إِلَّا بِهِمَا وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَوْقَ ذَلِكَ إِذْ لَا يَخْلُو امْرِؤٌ عَنْ تَقْصِيرٍ.
وَجَمْعُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ اعْتِبَارًا بِعُمُومِ (من) كَمَا أَفْرَاد الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ اعْتِبَارًا بِإِفْرَادِ اللَّفْظِ وَهَذَا مِنْ تَفَنُّنِ الْعَرَبِيَّةِ لِدَفْعِ سآمة التّكْرَار.
[113]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 113]
وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113)
مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى [الْبَقَرَة:
111] لزيارة بَيَانِ أَنَّ الْمُجَازَفَةَ دَأْبُهُمْ وَأَنَّ رَمْيَ الْمُخَالِفِ لَهُمْ بِأَنَّهُ ضَالٌّ شَنْشَنَةٌ قَدِيمَةٌ فِيهِمْ فَهُمْ يَرْمُونَ الْمُخَالِفِينَ بِالضَّلَالِ لِمُجَرَّدِ الْمُخَالِفَةِ، فَقَدِيمًا مَا رَمَتِ الْيَهُودُ النَّصَارَى بِالضَّلَالِ وَرَمَتِ النَّصَارَى الْيَهُودَ بِمِثْلِهِ فَلَا تَعْجَبُوا مِنْ حُكْمِ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَفِي ذَلِكَ إِنْحَاءٌ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَتَطْمِينٍ لِخَوَاطِرِ الْمُسْلِمِينَ وَدَفْعِ الشُّبْهَةِ عَنِ الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّهُمْ يَتَّخِذُونَ مِنْ طَعْنِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْإِسْلَامِ حُجَّةً لِأَنْفُسِهِمْ عَلَى مُنَاوَأَتِهِ وَثَبَاتًا عَلَى شِرْكِهِمْ.
وَالْمُرَادُ مِنَ الْقَوْلِ التَّصْرِيحُ بِالْكَلَامِ الدَّالِّ فَهُمْ قَدْ قَالُوا هَذَا بِالصَّرَاحَةِ حِينَ جَاءَ وَفْدُ نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِمْ أَعْيَانُ دِينِهِمْ مِنَ النَّصَارَى [1] فَلَمَّا بَلَغَ مَقْدِمُهُمُُُ

[1] نَجْرَان بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْجِيم قَبيلَة من عرب الْيمن كَانُوا ينزلون قَرْيَة كَبِيرَة تسمى نَجْرَان بَين الْيمن واليمامة وهم على دين النَّصْرَانِيَّة وَلَهُم الْكَعْبَة اليمانية الْمَشْهُورَة وَهِي كنيستهم الَّتِي ذكرهَا الْأَعْشَى فِي شعره. وَقد وَفد وَفد مِنْهُم على النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سِتِّينَ رجلا عَلَيْهِم اثْنَا عشر نَقِيبًا وَرَئِيسهمْ السَّيِّد وَهُوَ عبد الْمَسِيح. وَأمين الْوَفْد العاقب واسْمه الْأَيْهَم وَكَانَ وفودهم فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 675
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست